ALLAHO AKBAR
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ALLAHO AKBAR

Tawhido Allah
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الإقناع الفكري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد الرسائل : 317
Localisation : Maroc
تاريخ التسجيل : 12/11/2006

الإقناع الفكري Empty
مُساهمةموضوع: الإقناع الفكري   الإقناع الفكري Icon_minitimeالخميس ديسمبر 28, 2006 8:45 am

"تعليم التفكير"

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
إن الله لم يبعثني معنفًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا؛ هذه الحقيقة القطعية التي ثبتت في الحديث الصحيح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؛ نلمس آثارها وتطبيقاتها في جملةٍ وافرةٍ من الأحاديث النبوية التي تبرز فيها بجلاء عناية أبي القاسم –عليه الصلاة والسلام- بالإقناع الفكري في تعليمه للصحابة –رضوان الله عليهم-؛ ونعني بالإقناع الفكري: استعمال البراهين والحقائق المسلَّم بها؛ للوصول تدريجيًّا بفكر المتلقي إلى حالة الرضا والتسليم لصحة الحكم الأصلي.
وطريقة الإقناع الفكري بعيدةٌ كليًا عن الإكراه، والإرغام، والتلقين بلا دليلٍ أو برهان.
ومن أبين الأمثلة وأكثرها وضوحًا على استعمال الإقناع الفكري ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة –رضي الله عنه-: أن رجلًا أتى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله وُلد لي غلامٌ أسود، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (هل لك من إبلٍ؟)، قال: نعم، قال: (ما ألوانها؟) قال: حُمْر، قال: (هل فيها من أورق؟) والأورق: هو الجمل الذي فيه سوادٌ وبياض؛ يقترب من لون الرماد، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (هل فيها من أورق؟) قال: نعم، قال: (فأنى ذلك؟)، قال: لعله نزعه عرق، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (فلعل ابنك هذا نزعه عرق).
لقد كان بوسع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن يقول لذلك الرجل: لا عليك هو ابنك؛ ولكنه –عليه الصلاة والسلام- أراد أن يزيح عن كاهل ذلك الرجل الذي اقتحم عليه الشك مكامن الطمأنينة، وغزت الظنون ذهنه؛ فجاء وقد وسوس له الشيطان بوساوسه حول طُهْر زوجته وعفافها، فتلقاه المبعوث رحمةً للعالمين بحوارٍ مقنعٍ بلغ الغاية في الإقناع الفكري؛ كانت وسيلته سلسلةً من الأسئلة التي طرحها الرسول –عليه الصلاة والسلام-؛ بهدف الوصول بفكر ذلك الرجل إلى بناء قياسٍ صحيح، واستنتاجٍ سليم مبنيٌ على مسلماتٍ، وأسسٍ صحيحة تستند على مثالٍ من الواقع الحي؛ حتى تكون نتيجة الإقناع نابعةً من ذات المتعلم، ويعبِّر بها عن نفسه بعد أن يكون قام بعملياتٍ ذهنيةٍ وفكرية استعمل فيها التحليل، والمقارنة، وتحديد عناصر التشابه، وربط الأمر بمثيله، والموازنة بينهما.
وما كان لذلك أن يحدث بدون أسئلته –صلى الله عليه وسلم- فوصل الإقناع الفكري إلى أعلى درجاته عند ذلك الرجل؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- استعمل المثل الذي يعقله الرجل، ويعرفه في حدود محيطه وبيئته.
ومن الأمثلة التي يظهر فيها مدى عناية الرسول –صلى الله عليه وسلم- بالإقناع الفكري: حديث أبي أُمامة –رضي الله عنه- الذي أخرجه الإمام أحمد ابن حنبلٍ في مسنده بإسنادٍ صحيح، وقال فيه أبو أُمامة: إن فتىً شابًا أتى النبي –صلى الله عليه وسلم-فقال: يا رسول الله: ائذن لي بالزنا؛ فأقبل القوم عليه، فزجروه، قالوا: مه، مه؛ فقال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: (ادنه)، فدنا منه قريبًا فجلس، فقال –عليه الصلاة والسلام-: (أتحبه لأمك؟)، قال الشاب: لا والله، جعلني الله فداءك، فقال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم)، ثم قال له: (أفتحبه لابنتك؟)، قال الشاب: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لبناتهم)، قال: (أفتحبه لأختك؟)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: (أفتحبه لعمتك؟)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لعماتهم)، قال: (أفتحبه لخالتك؟)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لخالاتهم)، قال: فوضع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يده عليه وقال: (اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه)؛ فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
لقد جاء ذلك الشاب إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؛ يريد أن يأخذ رخصةً تبيح له انتهاك كبيرةٍ من أعظم الكبائر المحرمة؛ فكبُر على الحاضرين ما سمعوه من جرأته، وأرادوا زجره، والإغلاظ عليه؛ لأن في طلبه تعديًا على حرمات الله، وتهاونًا بحكم الله الثابت والقطعي في تحريم الزنا؛ ولكن المصطفى –صلى الله عليه وسلم- لم يسايرهم في حدتهم، ولم يتهمه في عقيدته، أو عقله، ولم يهنه بلفظٍ جارحٍ أو يطعن فيه بقولٍ مؤلم؛ بل قرَّب الفتى إليه، وعمل على أن تطمئن نفسه، ويهدأ روعه، ثم أخذ يناقشه بسلسلةٍ من أسئلة الإقناع الفكري؛ تعتمد على مبدأ العدل؛ حتى يشعر بشعور الآخرين، ويتفهم أحاسيس الناس.
لقد كان من الممكن أن يقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لذلك الشاب: يا هذا الزنا لا رخصة فيه وتنتهي القضية، ولقد كان من الممكن أيضًا أن يذكِّره بالآيات المُنْزَلة، وبالحد المترتب على تلك الجريمة؛ ولكنه –عليه الصلاة والسلام- أراد أن يصل ذلك الشاب بنفسه إلى النتيجة المرادة؛ لتظهر له حكمة تحريم الزنا؛ فيحصل الإقناع الفكري.
لقد كانت طريقة الحوار المتضمنة للاستقراء والموازنة بغرض الوصول لفكر الشاب لاكتشاف مقاصد الشريعة من تحريم فاحشة الزنا؛ هي الوسيلة المثلى؛ إذ أن الحوار أسلوبٌ من أقوى أساليب الإقناع؛ لما فيه من إقامة الحجة والبرهان.
ويُستفاد من الحديث الآنف:
أن الإقناع الفكري يؤتي ثماره إذا بُدء مع المتلقي من نقاط الاتفاق؛ لأنها تجعله يقتنع بالحديث دون أن يشعر؛ وبلا ريبٍ فإن أفضل الأفكار وأصدقها، وأكثرها نفعًا؛ تلك التي يمكن للمستمع أن يوازنها بالأفكار التي يعرفها مسبقًا، أو التي يشعر بها بحيث يظن الطرف المتلقي أن الفكرة فكرته؛ فيتوصل إلى النتيجة المستهدفة من تلقاء نفسه.
والأحاديث التي استعمل فيها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الإقناع الفكري كثيرة استعرض جملةً منها الإمام ابن القيم فقال –رحمه الله-: وقد ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- علل الأحكام والأوصاف المؤثرة فيها؛ ليدل على ارتباطها بها، وتعديها بتعدي أوصافها وعللها؛ كقوله –صلى الله عليه وسلم- (وقد سأل عن بيع الرطب بالتمر أينقص الرطب إذا جف؟) قالوا: نعم، فنهى عنه وقد قرَّب النبي –صلى الله عليه وسلم- الأحكام إلى أمته بذكر نظائرها وأسبابها، وضرب لها الأمثال، فقال له عمر: صنعت اليوم يا رسول الله أمرًا عظيمًا قبَّلت وأنا صائم؛ فقال له رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (أرأيت لو تمضمضت بماءٍ وأنت صائم)؛ فقلت: لا بأس بذلك -أي: عمر قال: لا بأس بذلك-، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (ففيم).
ولولا أن حكم المثل حكم مثله، وأن المعاني والعلل مؤثرةٌ في الأحكام نفيًا وإثباتًا، لم يكن لذكر هذا التشبيه معنى فذكره؛ ليدل به على أن حكم النظير حكم مثله، وأن نسبة القُبلة التي هي وسيلةٌ إلى الوطء؛ كنسبة وضع الماء في الفم الذي هو وسيلةٌ إلى شربه؛ فكما أن هذا الأمر لا يضر؛ فكذلك الآخر.
وقد قال–صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي سأله؛ فقال: إن أبي أدركه الإسلام، وهو شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع ركوب الرحل، والحج مكتوبٌ عليه؛ أفأحج عنه؟ فقال –عليه الصلاة والسلام -: (نعم)، قال: (أرأيت لو كان على أبيك دينٌ فقضيته عنه أكان يجزئ عنه؟)، فقال الرجل: نعم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (فاحُجج عنه).
فقرَّب الحكم من الحكم، وجعل دَيْن الله سبحانه في وجود القضاء، أوفى قبوله بمنزلة دَيْن الآدمي، وألحق النظير بالنظير؛ ومنه الحديث الصحيح أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (وفي بُضْع أحدكم صدقة)، قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرًا).
وفي الحديث الصحيح عن النعمان ابن بشير قال: انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؛ فقال: يا رسول الله، اشهد أني قد نحلت النعمان كذا وكذا من مالي؛ فقال –عليه الصلاة والسلام-: (أكُلَّ بنيك قد نحلت مثلما نحلت النعمان؟)، قال: لا، قال –عليه الصلاة والسلام-: (فأشْهِد على هذا غيري)، ثم قال: (أيسرك أن يكونوا إليك في البرِّ سواء؟)، قال: بلى، قال: (فلا إذن).
وهكذا أيها الإخوة الكرام تعرفنا في هذه الحلقة على صورةٍ من صور عناية الرسول –صلى الله عليه وسلم- بتعليم التفكير من خلال استعماله للإقناع الفكري في حواراته مع صحابته –رضوان الله عليهم-.
فالله نسأل أن يمنَّ علينا بانتهاج نهج الحبيب المصطفى–عليه الصلاة والسلام- في التعامل الفكري مع أبنائنا وطلابنا وعموم إخواننا، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ilmona.yoo7.com
 
الإقناع الفكري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ALLAHO AKBAR :: هل تعرف نفسك؟-
انتقل الى: