ALLAHO AKBAR
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ALLAHO AKBAR

Tawhido Allah
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الأسئلة الافتراضية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد الرسائل : 317
Localisation : Maroc
تاريخ التسجيل : 12/11/2006

الأسئلة الافتراضية Empty
مُساهمةموضوع: الأسئلة الافتراضية   الأسئلة الافتراضية Icon_minitimeالخميس ديسمبر 28, 2006 8:53 am

"تعليم التفكير"

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بالطاعات والخيرات. يُحكى أن الإمام مالك ابن أنس -إمام دار الهجرة-، سأله رجلٌ عن رجلٍ وطأ دجاجةً ميتة؛ أي: داس بقدمه عليها، فخرجت منها بيضة، فأُفقست البيضة عنده عن فرخ أيأكله؟ فقال مالكٌ: سلْ عن ما يكون، ودع ما لا يكون، وسأله آخر عن نحو هذا فلم يجبه فقال له: أجبني يا أبا عبد الله، فقال: لو سألت عما تنتفع به، أجبتك.
وسأله رجلٌ عن من قال لآخر: يا حمار، قال: يُجلد، قال: فإن قال له يا فرس؟ قال: تجُلد أنت ثم قال: يا ضعيف، وهل سمعت أحدًا يقول لآخر يا فرس!

مستمعي الكريم: يتبين من كلام الإمام مالكٍ –رحمه الله- أن الأسئلة الافتراضية التي يبعد وقوعها في الحياة لا ينبغي الاشتغال بها؛ وهذا منهج كثيرٍ من السلف؛ كانوا يكرهون الأسئلة عن الأمور التي لم تقع بعد، فقد أخرج الدارمي بسنده أن عمر بن الخطاب كان يلعن من سأل عما لم يكن، وكان زيد بن ثابت الأنصاري يقول: إذا سُئل عن الأمر أكان هذا؟ فإن قالوا: نعم قد كان، حدَّث فيه بالذي يعلم والذي يرى، وإن قالوا لم يكن، قال: فذروه حتى يكون.
وسُئل عمار ابن ياسر عن مسألةٍ فقال: هل كل هذا بعد؟ قالوا: لا، قال: دعونا حتى تكون، فإذا كانت، تجشمناها لكم، وقال رجل: سألت طاووسًا عن شيءٍ فقال: أكان هذا؟ قلت: نعم فحلَّفني فحلفت له، فقال: إن أصحابنا حدَّثونا عن معاذٍ –رضي الله عنه- أنه قال: أيها الناس لا تعجَّلوا بالبلاء قبل نزوله، فيذهب بكم ها هنا وها هنا؛ وإنكم إن لم تعجَّلوا، لم ينفك المسلمون أن يكون فيهم من إذا سُئل سُدد أو قال وفق.
وهكذا كان الإمام أحمد ابن حنبل، فقد سأله رجل عن مسألةٍ من هذا النوع، فقال أحمد له: أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا؟ وقال لرجلٍ آخر سأله أيضًا عن مثل تلك المسائل فقال له: سل رحمك الله عما ابتليت به، وقال لآخر: دعنا من هذه المسائل الـمُحدثة خذ ويحك فيما تنتفع به، وإياك وهذه المحدثة!
وسأله أحدهم عن الوضوء بماء الفُل فقال الإمام أحمد: ما أحب ذلك؛ قال السائل: ثم قمت، فتعلق بثوبي وقال: أي شيءٍ تقول إذا دخلت المسجد؟ فسكت، فقال: ماذا تقول إذا خرجت من المسجد؟ فسكت، فقال: اذهب فتعلم هذا.

مستمعي الكريم:بعد أن سمعنا أقوال السلف السابقة؛ يتعين علينا أن ننظر في سبب كراهيتهم، ومنعهم للأسئلة التي لم تقع؛ وبناءً عليه نطرح السؤال التالي: لماذا كرهوا السؤال عن القضايا التي لم تقع؟ وهل يُفهم من هذا أن المنع عامٌ في كل مسألةٍ لم تقع؟ وقد تولى الإمامان أبو إبراهيم يحي ابن إسماعيل المزني، والخطيب البغدادي الجواب، فذكرا أن المنع يحتمل أن يكون قُصد به السؤال على سبيل التعنت والمغالطة، لا على سبيل التفقه وابتغاء الفائدة.
وأجاب الإمام البيهقي عن الاستفسار السابق بقوله: "كره السلف السؤال عن المسألة قبل كونها إذا لم يكن فيها كتابٌ ولا سنة؛ وإنما يسأل السائل عن مسألةٍ مبنيةٍ عن الاجتهاد لا نص فيها".
والاجتهاد في مسائل الدين إنما يباح للضرورة؛ ولا ضرورة قبل الواقعة؛ وقد يتغير اجتهاد المفتي عندها.
قال البيهقي: وبلغني عن أبي عبد الله الحِلمي: أنه أباح ذلك للمتفقهة؛ ليرشدوا إلى طريق النظر والرأي.
قال: وعلى ذلك وضع الفقهاء مسائل الاجتهاد، وأخبروا بآرائهم فيها.

وبعض الأسئلة الافتراضية تكون مفيدةً للتفكير الفقهي؛ ولهذا قال الإمام ابن القيم –رحمه الله- إذا سأل المستفتي عن مسألةٍ لم تقع فهل تُستحب إجابته أو تكره أو يكون المفتي بالخِيَرَة؟ فيه ثلاثة أقوال.
وقد حُكي عن كثيرٍ من السلف أنه كان لا يتكلم فيما لم يقع، وكان بعض السلف إذا سأله الرجل عن مسألةٍ قال: هل كان ذلك؟ فإن قال: نعم، تكلَّف له الجواب؛ وإلا قال: دعنا في عافية.

وقال الإمام أحمد لبعض أصحابه: "إياك أن تتكلم في مسألةٍ ليس لك فيها إمام؛ والحق التفصيل: فإن كان في المسألة نصٌ من كتاب الله أو سنةٍ عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أو أثرٌ عن الصحابة، لم يُكره الكلام فيها، وإن لم يكن فيها نصٌ ولا أثر؛ فإن كانت بعيدة الوقوع أو مقدرةً لا تقع، لم يُستحب له الكلام فيها؛ وإن كان وقوعها غير نادرٍ ولا مستعبد وغرض السائل الإحاطة بعلمها؛ ليكون منها على بصيرةٍ إذا وقعت، استحب له الجواب بما يعلم؛ لا سيما إن كان السائل يتفقه بذلك، ويعتبر بها نظائرها، ويُفرِّع عليها؛ فحيث كانت مصلحة الجواب راجحة، كان هو الأولى" انتهى كلامه –رحمه الله-.

وأقول مستعينًا بالله التفصيل الذي حرَّره ابن القيم: جيد؛ لا سيما ما ذكره من تقييدٍ للمسألة بالمصلحة الراجحة؛ فإن كانت الأسئلة الافتراضية في العلوم الشرعية تنبني عليها مصلحة؛ فهي مستحبة، كما حرَّره ابن القيم ودليل ذلك: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم-: قد أجاب عن أسئلةٍ لم تقع، ففي الصحيحين: عن المقداد ابن الأسود –رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله، أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار، فقاتلني، فضرب إحدى يديّ بالسيف، فقطعها، ثم لاذ مني بشجرةٍ، فقال: أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال: رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (لا تقتله)، قال: فقلت: يا رسول الله، إنه قد قطع يدي، ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله؟ قال -رسول الله صلى الله عليه وسلم-: (لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال).
فهذه مسألةٌ لم تقع، وأجاب عنها الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولكن هي مسألةٌ ممكنة الوقوع وليست مما يستبعد وهنا الفرق.

ودليلٌ آخر من السنة يدل على مشروعية الأسئلة الافتراضية الممكنة الوقوع وهو حديثٌ أخرجه مسلمٌ عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فقال: "يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجلٌ يريد أخذ مالي؟ قال: (فلا تعطه مالك)، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: (قاتله)، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: (فأنت شهيد)، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: (هو في النار).
فهذه أربعة أسئلة تتعلق بحادثةٍ لم تقع؛ ولكنها ليست مستبعدة؛ وقد أجاب عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ مما يدل على مشروعية الأسئلة الافتراضية إذا كانت على هذه الشاكلة.
والملاحظ في هذا الحديث: أن الصحابي –رضي الله عنه- قد فرّع السؤال على وجوه متعددة؛ وقد أجابه الرسول –صلى الله عليه وسلم- عن كل الوجوه التي جوَّز السائل احتمال وقوعها، ولم ينهه، ولم يقل له حتى يقع.

ويُستدل على جواز الأسئلة التي لم تقع: أنَّ الرسول –صلى الله عليه وسلم- كما في حديث النواس ابن سمعان –رضي الله عنه- الذي أخرجه مسلمٌ في صحيحه؛ لما أخبر الصحابة عن الدَّجال: سألوه عن مدة إقامته في الأرض، فقال: (أربعون يومًا؛ يومٌ كسنة، ويومٌ كشهر، ويومٌ كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم)؛ قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: (لا، أقدروا له قدره).
فهذا جوابٌ نبويٌ عن مسألة ممكنة الوقوع وإن كانت لم تقع عند سؤاله -عليه الصلاة والسلام-.

قال الحافظ ابن رجب: "وقد كان أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- أحيانًا يسألونه عن حكم حوادث قبل وقوعها؛ لكن للعمل بها عند وقوعها؛ كما قالوا له: إنا لاقوا العدو غدًا وليس معنا مُدَى أفنذبح بالقصب؟ وسألوه عن الأمراء الذين أخبر عنهم بعده وعن طاعتهم وقتالهم وسأله حذيفة عن الفتن وما يصنع فيها؟.

وقد دافع الإمام المزني وكذلك الخطيب البغدادي عن الأسئلة الافتراضية التي لم تقع، واستدل على ذلك بأدلة عديدة من الحديث النبوي، وكلام الصحابة.

وأختم هنا بكلام المزني لقوته: قال -رحمه الله-: "لا تخلوا المسألة التي أنكرتم جوابها قبل أن تكون من أن يكون لها حكمٌ خفي؛ حتى لا يوصل إليه إلا بالنظر والاستنباط، أو لا يكون لها حكم؛ فإن لم يكن لها حكم، فلا وجه لذلك، وإن كان لها حكمٌ لا يوصل إليه إلا بالمناظرة والاستنباط، فالتقدم يكشف الخفي، ومعرفته، وإعداده للمسألة قبل نزولها أولى؛ فإذا نزلت، كان حكمها معروفًا، فوصل بذلك الحق إلى أهله، ومُنِعَ به الظالم من ظلمه، وكان خيرًا وأفضل من أن يتوقفوا إلى أن يصح النظر في المسألة عند المناظرة.
وقد يُبطئ ذلك ويكون في التوقف ضررٌ يمنع الخصم من حقه، والفرج من حله، ويترك الظالم على ظلمه" انتهى كلامه – رحمه الله-.

مستمعي الأكارم: لا ريب أن التفكير الفقهي على مدى التاريخ الإسلامي قد استفاد كثيرًا من الأسئلة الافتراضية أو ما يسميه بعضهم بالفقه التقديري؛ وبهذا يتبين لنا مقدار أهمية الأسئلة في تنمية الفكر وتقويته؛ وأن الشرع المطهَّر فتح باب الأسئلة حتى لو كانت لم تقع بعد ما دام وقوعها مستقبلاً ممكنًا وليس بمستبعد؛ وهذا يؤكد قطعًا أن الأسئلة النافعة للتفكير ولو كانت من قبيل الأسئلة الافتراضية غير محظورةٍ شرعًا؛ بل هي مطلوبة؛ لحديث: (إنما شفاء العيّ السؤال).

اللهم ارزقنا العمل بكتابك، وسنة نبيك –صلى الله عليه وسلم-، ونعوذ بك من سبيل المتنطعين المتكلفين، وصلى الله وسلم على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ilmona.yoo7.com
 
الأسئلة الافتراضية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ALLAHO AKBAR :: هل تعرف نفسك؟-
انتقل الى: