ALLAHO AKBAR
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ALLAHO AKBAR

Tawhido Allah
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 فوائد طرح الأسئلة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد الرسائل : 317
Localisation : Maroc
تاريخ التسجيل : 12/11/2006

فوائد طرح الأسئلة Empty
مُساهمةموضوع: فوائد طرح الأسئلة   فوائد طرح الأسئلة Icon_minitimeالخميس ديسمبر 28, 2006 8:55 am

"تعليم التفكير"

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبينا المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

حديثنا اليوم عن ظاهرةٍ لا تُخْطِئُها عين الدارس لكتب الحديث النبوي، إنها ظاهرةٌ تطالعك كثيرًا في مصادر السنة النبوية المطهرة؛ تراها في الصحاح والجوامع، والسنن والمسانيد، والمصنفات والأجزاء، والأمالي، والمعاجم، وكتب الفوائد الحديثية. ولو أحصى المحصي جزئياتها لبلغت المئات، ولو تتبع المتتبع مفرداتها لوقف على ما يملأ به مجلدًا كبيرًا، ويُستدل بكثرة نصوص تلك الظاهرة على مقدار عناية المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بالتفكير، وحرصه -عليه الصلاة والسلام- على شحذ أذهان المخاطبين، وإعمال تفكيرهم.

أيها المستمعون الكرام: أتدرون ما هي تلك الظاهرة؟ إنها أسئلة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصحابة؛ أسئلته -عليه الصلاة والسلام- التي كان يلقيها على الصحابة، ويطرحها عليهم، منتظرًا أن يجيبوه ويحاوروه؛ إنها ظاهرةٌ ملفتةٌ للنظر؛ تستوجب التأمل والتوقف عندها؛ لكثرتها، وغزارة عدد النصوص الواردة فيها.
والأحاديث الممثلة لهذه الظاهرة كثيرة؛ منها على سبيل المثال: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يومٍ خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، فقال عليه الصلاة والسلام: (فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)، وفي صحيح مسلمٍ عن عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما تعدون الرقيق فيكم؟) قال: قلنا: الذي لا يولد له. قال: (ليس ذاك بالرقيق، ولكنه الرجل الذي لم يقدِّم من ولده شيئًا)، قال: (فما تعدون الصرعة فيكم؟) قال: قلنا: الذي لا يصرعه الرجال، قال: (ليس بذلك؛ ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب).
وفي صحيح مسلمٍ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط).
ومن ذلك: ألا أخبركم بأهل الجنة؟ ألا أخبركم بأهل النار؟ أتدرون ما الغيبة؟ أتدرون من المفلس؟ أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ أيعجز أحدكم أن يكسب كل يومٍ ألف حسنة، إلى آخر ما ورد في ذلك من أحاديثٍ نبويةٍ شريفة.

وحين أتأمل هذه الأحاديث يطوف بي سؤال: ألم يكن من الممكن أن يبتدئ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كلامه الشريف بتقرير مضمون الحديث دون التمهيد بطرح سؤال؟ والجواب: نعم؛ إن هذا كان ممكنًا؛ ولكنه -عليه الصلاة والسلام- أراد تحقيق فائدةٍ مهمةٍ من طرح السؤال ابتداءً؛ ذلك لأن البدء بالسؤال يهيئ المخاطَب ذهنيًّا، ويحرك تفكيره؛ لينتبه إلى ما سيلقى عليه من معانٍ فيستيقظ الفكر، وترتفع حرارة الفضول المعرفي.
إن من ثمرات طرح الأسئلة الهادفة إلى تنمية التفكير: الحصول على عددٍ كبيرٍ من الإجاباتٍ المختلفة؛ مما يساعد المتعلمين على حرية التعبيرعن أنفسهم، وفرض الفروض، بمعنى التفكير بالاحتمالات الممكنة، والتأمل في الحلول والإجابة الصحيحة، والسعي إلى إشباع حب الاستطلاع في الموضوع الذي يتعلمونه؛ وعلى السائل أن يقبل بجميع الإجابات.
إن هذه النوعية من الأسئلة تنبه العقل، وتفتح مغاليق فهمه، وتوقظ حركة الذاكرة الجامدة، وتُعدُّ من أحسن الطرق التي تجلب الانتباه الفكري.
ومن فوائد هذه الأسئلة: أنها تحصر فكر المتلقي في السؤال المطروح، فلا تنشغل حواسه بشيءٍ آخر، وتعطيه انطباعًا بأهمية المعلومة المتعلقة بالسؤال؛ فتوجيه الأسئلة بطريقةٍ فعَّالة يساعد المتعلمين على التفكير بذكاء حول المسائل المعروضة للتعلم أو للنظر، كما أن هذه المهارة تضفي على المتعلمين حماسًا، وتشحنهم بطاقةٍ إيجابيةٍ مفعمةٍ بالحيوية والنشاط، وتثير الرغبة في تقليد الأفكار الجديرة بالمعرفة والتفكير فيها.

ويؤكد التربويون في عصرنا على أن الأسئلة المثمرة هي: التي تستفز العقل، فتجعله يعمل وينشط، وتحرك الذهن، فتحثه على الاستمرار في التفكر، وتساعد على بقاء المعلومات لمدةٍ طويلة.
ولزيادة البيان حول ما سبق سنقف مع حديثٍ مهم في هذا الشأن يبيِّن لنا بجلاءٍ عناية المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في تنشيط التفكير لدى صحابته -رضي الله عنهم- وهو ما ورد في الصحيحين: عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها؛ وإنها مَثَل المسلم، فحدثوني ما هي؟) فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت ثم قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: (هي النخلة) فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين طرح على أصحابه هذا السؤال أراد بذلك أن يختبر أفهامهم، ويمتحن أذهانهم، ويرغبهم في الفكر والعناية به؛ ولذا بوَّب البخاري على الحديث بقوله: باب طرح الإمام المسألة على أصحابه؛ ليختبر ما عندهم من العلم.

واستنبط العلماء منه:
- أنه يستحب للعالم أو للمعلم أن يسأل أصحابه وطلابه، ويضرب لهم الأمثال والأشباه؛ طلبًا لزيادة الإفهام، ورغبةً في حسن تصوير المعاني؛ كي تترسخ في الذهن.
ومما يُنصح به المدرسون والمدربون والخطباء ما قاله أحد المعاصرين: "لا تعط أفكارك للناس مباشرة؛ بل إن الأفضل لك ولهم أن تقدمها على هيئة لغزٍ في صيغة سؤال، واتركهم يحاولون حلَّها، وأعطهم الوقت الكافي ليفكروا في الإجابة".

ثم اعلموا أيها الإخوة: أننا حين نفكر في تشبيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلم بالنخلة نجد بالموازنة عناصر اشتراكٍ بينهما؛ فالنخلة كثيرة الخير، دائمة الظل، طيبة الثمر، دائمة الوجود، فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يُؤكل منه حتى ييبس وبعد أن ييبس يُتخذ منه منافع كثيرة: من خشبها، وورقها، وأغصانها حيث تستعمل جذوعًا، وحطبًا، وعصيًا، وحُصُرًا وحبالًا، وأواني، وغير ذلك مما يُنتفع به من أجزائها.
وكذلك نوى التمر يُنتفع به في عدة أغراض منها: أن يُتخذ علفًا للإبل. ثم إن النخلة تتسم بجمال نباتها، وحسن ثمرتها، وهي كلها منافعٌ وخيرٌ وجمال وكذلك المؤمن خيرٌ كله من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه، ومواظبته على صلاته، وصيامه، وذكره والصدقة وسائر الطاعات.

هكذا أحبتي في الله نجد أن الغاية من طرح السؤال كانت تحريك الأذهان، واستثارة التفكير، وهذا ما وقع بالفعل؛ ودليل ذلك:أن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فوقع الناس في شجر البوادي؛ أي: ذهبت أفكارهم إلى شجر البوادي وذهلوا عن النخلة؛ فجعل كلٌ منهم يجيب عن السؤال بما بدا له ولم يعنِّفهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبب إجاباتهم، ولم يسخر منهم؛ بل تركهم يسترسلون من دون شكٍ لمحاولاتهم الخاطئة مع بعدها عن الجواب الصحيح، وفي مثل ذلك قول الإمام النووي -رحمه الله- في مقدمته النفيسة في كتابه المجموع في شرح المهذب: "وينبغي للمعلم أن يطرح على أصحابه ما يراه من مستفاد المسائل، ويختبر بذلك أفهامهم، ويُظهر فضل الفاضل، ويثني عليه بذلك؛ ترغيبًا له وللباقين في الاشتغال والفكر في العلم، وليتدربوا بذلك ويعتادوه ،ولا يعنِّف من غلط منهم في ذلك إلا أن يرى في تعنيفه مصلحةً له" انتهى كلامه -رحمه الله-.
ومن الوقفات المهمة مع الحديث الآنف: ما ورد في بعض روايات الحديث في الصحيحين أن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم"، وفي رواية: "فإذا أنا عاشر عشرةٍ أنا أحدثهم"،وفي رواية: "ورأيت أبا بكرٍ وعمر لا يتكلمان، فكرهت أن أتكلم)، فقال عمر -رضي الله عنه- له: "لأن تكون قلتها أحب إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا".

ويُستفاد من هذا: أن الرجل يباح له الحرص على ظهور ابنه في العلم على الشيوخ، وسروره بذلك، وقيل: إنما تمنى ذلك؛ رجاء أن يُسرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بإصابته، فيدعو له.
وفيه: أن الابن الموفق العالم أفضل مكاسب الدنيا؛ لقول عمر -رضي الله عنه- :"لأن تكون قلتها أحب إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا" فتأسف عمر على كون ابنه لم يقل ذلك؛ لتظهر فضيلته؛ وما قاله عمر -رضي الله عنه- يتفق مع أسس التربية النفسية السليمة للناشئة التي تؤكد على أهمية تدربهم على التحرر من الخوف والخجل، وحضهم على الجرأة والشجاعة في القول، ومقاومة ظاهرة الخجل والشعور بالنقص.
فيا أيها الآباء اقتدوا بعمر -رضي الله عنه-، واجعلوا شعاركم: قل يا بني، ولا تحقر نفسك؛ كما قال عمر -رضي الله عنه-: "ما منعك أن تقولها".

والملاحظ أن الأسئلة التي طرحها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومضى معنا ذكر بعضها؛ هي أسئلةٌ مثيرةُ للتفكير؛ وليست من قبيل الأسئلة المعتمدة على الذاكرة فقط؛ بل هي من النوع الذي يتطلب في العادة إعمال الفكر، والمحاولة الجادة لإيجاد الحلول؛ كما أنها تحفِّز فضول المستمعين، وتنمي فيهم القدرة على الحكم، والتحليل، والتنظيم، والمقارنة، والتنبؤ.

والله نسأل أن يرزقنا حسن التأسِّي بالمصطفى -صلى الله عليه وسلم- في تعليمه، وفي شأنه كله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ilmona.yoo7.com
 
فوائد طرح الأسئلة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ALLAHO AKBAR :: هل تعرف نفسك؟-
انتقل الى: