ALLAHO AKBAR
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ALLAHO AKBAR

Tawhido Allah
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مهارة طرح السؤال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد الرسائل : 317
Localisation : Maroc
تاريخ التسجيل : 12/11/2006

مهارة طرح السؤال Empty
مُساهمةموضوع: مهارة طرح السؤال   مهارة طرح السؤال Icon_minitimeالخميس ديسمبر 28, 2006 8:56 am

"تعليم التفكير"

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بالخيرات والمسرات.
يُحكى أن أحد الأثرياء كان يجول ليلًا َفي أرجاء قصره، فلما دنا من حجرة الحارس، سمعه يقول لآخر: أليس هذا من أعظم الظلم؟! أنا أعمل طيلة اليوم، ولا أرتاح دقيقةً واحدة وراتبي في الشهر لا يتجاوز مبلغًا حقيرًا من المال، والمدير يركب المراكب، ويجلس أكثر وقته في المكتب، ويقبض أضعاف أضعاف راتبي، فلما أصبح الصبح، دعا الثري الحارس، وقال له: إن ضيفًا مهمًا َقد قدم البلاد فاذهب إليه؛ لتسأل عنه، ذهب الحارس، مسرعًا، ورجع يقول: إن اسمه فلان، قال الثري: من أيِّ إقليم؟ فذهب الحارس يعدو، ثم عاد لاهثًا يقول: من بلد كذا، فقال الثري: كم سيقضي عندنا من الأيام؟ فذهب الحارس، ثم عاد متعبًا يقول: سيقضي عشرين يومًا، فقال الثري: وما المهمة التي جاء من أجلها؟ فذهب الحارس متبرمًا غاضبًا، وعاد متعبًا يقول: إنه جاء؛ لشراء بعض المحصولات الزراعية، فقال الثري: وكم معه من الأموال؟ فذهب الحارس، وقد استبد به الضجر، وتملكه الغضب، ثم عاد، مرهقًاَ ليقول: معه مائة ألف، فقال الثري: ومن سيقوم على شحن المحصولات؟ فخرَّ الحارس، باكيًا وهو يقول: تعبت يا سيدي فارفق بي يرحمك الله، فقال الثري اجلس معي، ثم دعا مدير أعماله وقال له: حلَّ ضيفٌ من إقليم كذا على البلاد فاذهب لتعرف من هو، فذهب المدير وعاد بعد نصف ساعة ومعه كل الإجابات التي سأل عنها الثري، وزاد المدير، فسأل عن أشياء لم يكن الثري قد أشار بها، وقدَّم من الاقتراحات ما يعود بالنفع على الجميع ثم خرج هادئا، فقال الثري للحارس: أرأيت أن العمل الذي كلفك من الرواح والمجيء نصف نهار قد فعله مدير أعمالي في نصف ساعة؛ فكيف تقارن بين راتبك وراتبه؟ فاعتذر الحارس، مستفيدًا درسًا لن ينساه من تلك الواقعة.

والغاية من إيرادنا لهذه القصة: بيان أهميه الأسئلة، وأثرها في الوصول للمعرفة بسرعةٍ وكفاءة متى ما كانت دقيقةً وواضحة.
والأسئلة مهمةٌ للتفكير؛ فإن بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن الإنسان يتذكر بعد شهر ثلاثة عشر في المائة من عناصر المعلومات التي تلقاها عن طريق السمع، وخمسة وسبعين في المائة من التي تلقاها عن طريق السمع والبصر، وخمسة وتسعين في المائة من التي تلقاها عن طريق الحوار وطرح الأسئلة.

والمتأمل في السنة النبوية يجد بوضوح أن طرح الأسئلة التي كان يبتدئ بها -عليه الصلاة والسلام- أصحابه تُعد من أهم ركائز المنهج النبوي في التعليم.
والناظر في تلك الأحاديث يدرك مدى أثر هذا المنهج في استثارة فكر الصحابة -رضوان الله عليهم-، وتنمية قدراتهم علي البحث والمناقشة والاستنتاج.

ولقد اهتم سلفنا الصالح بالأسئلة، وعدَّوها من أهم وسائل الحصول على العلم؛ حتى إن الحافظ أبا عمر ابن عبد البر في كتابه القيم المفيد "جامع بيان العلم وفضله" أفرد بابًا بعنوان "باب حمد السؤال والإلحاح في طلب العلم"، وافتتحه بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي يحسِّنه بعض العلماء (إنما شفاء العيُّ السؤال) -والعيُّ: هو الجهل-، ثم ساق حديث عائشة -رضي الله عنها- الذي أخرجه مسلمٌ وأبو داود وغيرهم "نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين، وأن يتفقهن فيه".
وقد ساق الإمام ابن عبد البر نصوصًا كثيرة من كلام السلف في أهميه السؤال منها: ما ورد عن معاوية ابن أبي سفيان -رضي الله عنهما-: أنه دعا دغفلًا النسابة، فسأله عن العربية، وسأله عن أنساب الناس، وسأله عن النجوم؛ فإذا رجلٌ عالم، قال من أين حفظت هذا؟ قال: "حفظت هذا بقلبٍ عقول، ولسانٍ سؤول".
وثبت عن الأمام الحافظ محمد ابن شهابٍ الزهري أنه قال: "إن هذا العلم خزائن وتفتحها المسألة"، وفي روايةٍ أخرى عنه قال: "العلم خزائن، ومفاتيحها السؤال".
وانتبهوا أيها السادة لهذه المقالة؛ فإنها صادرةٌ عن إمامٍ هو من حفّاظ الإسلام المعروفين، ومن علماء التابعين المعدودين رجلٌ خبر الناس وعرفهم، وبذل في طلب العلم الكثير والكثير؛ وهو يخبرنا هنا: "أن العلم كالخزائن التي تودع فيها النفائس، ولا تستخرج إلا بعد فتحها؛ والذي يفتحها هو السؤال".
وصدق والله، فإن العالم لا يُعرف ما عنده من كنوزٍ ثمينة إلا إذا سُئل؛ كما إن الخزانة لا يُعرف ما فيها إلا بعد فتحها.
ومما ورد عن السلف في فضل السؤال وأهميته؛ ما جاء عن وهبٍ ابن منبِّه، وسليمان ابن يسار وهما من علماء التابعين، أنهما قالا: حسن المسألة نصف العلم؛ وذلك لأن السؤال الذكي الدقيق الواضح، يُسهِّل الوصول للإجابة؛ فمن أحسن صياغة الأسئلة، وأتقن تركبيها، ومهر في معرفة شروطها وضوابطها وأنواعها، فقد حاز نصف العلم؛ وهل العلم إلا سؤالٌ وجواب؟

وعن الخليل ابن أحمد الفراهيدي أنه قال: "العلوم أقفال، والسؤالات مفاتيحها"، وقال أيضًا: "ولا تجزع بتفريع السؤال؛ فإنه ينبهك على علم ما لم تعلم".
وهذه المقالة يجب أن تحظى بعنايتنا؛ فهي من كلام رجلٍ عبقري عُرِف بالتفكير الإبداعي؛ فهو واضع علم العَروض، وهو الذي ضبط قواعد النحو، وألَّف أقدم معجمٍ في اللغة العربية؛ يخبرنا هذا العبقري: بأن العلوم أقفال لا يفتحها إلا السؤال، ثم ينصح طلبة العلم ويقول: "لا تجزعوا من تفريع الأسئلة وتنويعها، والإكثار منها؛ فإن ذلك يقودكم للوقوف على علم ما لم تعلموا".
وسُئل الأصمعي وهو من علماء العربية المشهورين: بما نلت ما نلت؟ قال: "بكثرة السؤال، وتلقْف الحكمة الشرود".
وقال الإمام ابن القيم : "من أهم مراتب العلم حسن السؤال"، وبيَّن -رحمه الله- أن من الناس من يُحرَم العلم؛ لعدم حسن سؤاله إما لأنه: لا يسأل بحال، أو يسأل عن شيءٍ لا أهمية له؛ كما يسأل عن فضول العلم التي لا يضر جهله بها، ويدع ما لا غنى له عن معرفته؛ كحال كثيرٍ من الجهال المتعلمين.
ويرى الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أن العلم سؤالٌ وجواب.

مستمعي الكريم: بعد هذه الجولة في رياض تلك الأقوال البهية، والعبارات الندية؛ فإنه يتعين علينا أن نبين الفوائد العديدة من اكتساب مهارة التساؤل، وأثرها على سلامة التفكير، وصحة نتائجه من تلك الفوائد:
- في تعويد الإنسان على طرح الأسئلة: إثارةٌ للروح العلمية، وتدرّبٌ على أساليب النقاش، ونموٌ لملكات النقد والتحليل؛ وهذا يسهم في رقي التفكير، ونمو العقل، وشحذ الذهن، وتقويه الحجة والبيان، والثقة بالنفس.
- ومن فوائد التعود على طرح الأسئلة: التشجيع على حب الفضول، والرغبة في الاكتشاف؛ مما يساعد على زيادة الإطلاع، والقراءة والتدبر في العلوم.

مستمعي الكريم: إن طرح الأسئلة الجيدة يمكن تعلمه بالمثابرة، والصبر، والتدريب الذاتي المستمر، والجهد الذي يتطلبه بالرغم من ضخامته له ما يبرره.

وتعلم فن السؤال يهم من يريد أن يتعلم قواعد التفكير السليم؛ ولكن من أهم الذين يجب عليهم تعلم ذلك هم: المعلمون والمعلمات؛ ذلك لأنهم سوف يسهمون في بناء عقول المستقبل المفكرة؛ عقول أبناءنا وبناتنا، ولن يستطيع المعلمون والمعلمات أن يسهموا في تربية عقولٍ تُحسن التعامل مع متغيرات العصر الحديث بفاعليةٍ وإنتاجية إلا إذا عرفوا كيف يؤسسوا تلك العقول على مهارة التساؤل، وطرح الاستفسارات التي هي مفتاحٌ لمعرفة الأهم.
إن المعلمين والمعلمات حين يستعملون طريقة السؤال داخل الصف الدراسي بمهارةٍ وعنايةٍ واهتمام، ستتحول عملية التدريس إلى عمليةٍ ممتعةٍ لهم ولطلابهم؛ لأنهم سيرون مدى تفاعل الطلاب، واستمتاعهم بالدرس، وتغير أنماط التفكير لديهم؛ لذا يصف أحدهم المعلم بأنه صانع السؤال المحترف.
فالأسئلة وسيلةٌ يتصل من خلالها المعلم بعقول تلاميذه، فيثير شوقهم، ويوقظ انتباههم.
والمعلم القدير هو الذي يعرف كيف يسأل، ومتى يسأل؛ فقدرة المعلم على السؤال هي من أهم صفاته.
إن فن طرح السؤال أصبح قضيةً عصرية شغلت كل من انخرط في مجال التربية والتعليم؛ فأُلفت الكتب، وعُقدت الدورات؛ ليتدرب المعلمون والمربون على مهارة طرح السؤال الجيد باعتبارها طريقةً رئيسة من طرق تدريس المواد؛ وهي أفضل من الطريقة الإلقائية.
إن الأسلوب التلقيني الذي تتربى عليه الأجيال اليوم ولا سيما في المدارس والجامعات، أضر بها أيما إضرار؛ ورغم أهميه أسلوب المحاضرة إلا إن الاكتفاء به يُعدُّ خللًا تربويًا وتعليميًا.

مستمعي الكريم: إن نجاح تعليم التفكير؛ يتوقف على مدى مهارتنا في استعمال الأسئلة أكثر من أيِّ مهارةٍ أخرى.
والمهارة في استخدام الأسئلة: تعني البراعة والإتقان والحِذق؛ وهذا يستلزم الاستمرار في التدرب على طرح الأسئلة، وكثرة التطبيقات، حني يبلغ المرء درجةً عالية يستحق عليها لقب الماهر.

فالله أسأل أن لا يحرمنا وإياكم هذه النعمة، وأن يجعلها سببًا لرضوانه، ورحمته، وخدمة دينه، وصلى الله وسلم على نبينا الأمين، وعلى آل وصحبة أجمعين،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ilmona.yoo7.com
 
مهارة طرح السؤال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ALLAHO AKBAR :: هل تعرف نفسك؟-
انتقل الى: