تعريفها : الأضحية والضحية اسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقربا إلى الله تعالى .
مشروعيتها : وقد شرع الله الأضحية بقوله سبحانه : " إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر " . وقوله : " والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير " ( 1 ) .
والنحر هنا هو ذبح الأضحية . وثبت أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ضحى وضحى المسلمون وأجمعوا على ذلك .
فضلها : روى الترمذي عن عائشة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم ( 1 ) . إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظللافها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان ( 2 ) قبل أن يقع على الارض ، فطيبوا بها نفسا " .
حكمها : الأضحية سنة مؤكدة ، ويكره تركها مع القدرة عليها لحديث أنس الذي رواه البخاري ومسلم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ضحى بكبشين أملحين ( 3 ) أقرنين ( 4 ) ذبحهما بيده وسمى وكبر . وروى مسلم عن أم سلمة أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره " . فقوله أراد أن يضحي دليل على السنة لا على الوجوب .
( 1 ) إسالته أي ذبح الأضحية . ( 2 ) كناية عن سرعة قبولها . ( 3 ) الاملح ما يخالط بباضه سواد . ( 4 ) ما له قرن
وروي عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما ، مخافة أن يرى ذلك واجبا
متى تجب : ولا تجب إلا بأحد أمرين : 1 - أن ينذرها لقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم : " من نذر أن يطيع الله فليطعه " وحتى لو مات الناذر فإنه تجوز النيابة فيما عينه بنذره قبل موته " .
2 - أن يقول : هذه لله ، أو : هذه أضحية . وعند مالك إذا اشتراها نيته الأضحية وجبت .
حكمتها : والأضحية شرعها الله إحياء لذكرى إبراهيم وتوسعة على الناس يوم العيد ، كما قال الرسول ، صلى الله عليه وسلم : إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل . مم تكون : ولا تكون إلا من الابل والبقر والغنم ، ولا تجزئ من غير هذه الثلاثة . يقول الله سبحانه :
( هامش ) ( 1 ) وقال ابن حزم : لم يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة ويرى أبو حنيفة أنها واجبة على ذوي اليسار ممن يملكون نصابا من المقيمين غير المسافرين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : : من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا " رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم ورجح الائمة وقفه .
" ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الانعام " ( 1 ) ويجزئ من الضأن ما له نصف سنة ، ومن المعز ما له سنة ، ومن البقر ما له سنتان ، ومن الابل ما له خمس سنين ، يستوي في ذلك الذكر والانثى .
1 - روى أحمد والترمذي عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " نعمت الأضحية الجذع ( 2 ) من الضأن " .
2 - وقال عقبة بن عامر : قلت يا رسول الله ، أصابني جذع قال : ضح به . رواه البخاري ومسلم .
3 - وروى مسلم عن جابر أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تذبحوا إلا مسنة ، فإن تعسر عليكم فاذبحوا جدعة من الضأن " . والمسنة الكبيرة هي من الابل ما لها خمس سنين ، ومن البقر ما له سنتان . ومن المعز ما له سنة ، ومن الضأن ما له سنة وستة أشهر ، على الخلاف المذكور من الائمة . وتسمى المسنة بالثنية .
( هامش ) ( 1 ) سورة الحج آية رقم 34 . ( 2 ) ما له ستة أشهر عند الحنفية . وما له سنة في الاصح عند الشافعية .
الأضحية بالخصي : ولا بأس بالاضحية بالخصي . روى أحمد عن أبي رافع قال : ضحى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بكبشين أملحين موجوءين خصيين ، ولان لحمه أطيب وألذ .
ما لا يجوز أن يضحى به : ومن شروط الأضحية السلامة من العيوب ، فلا تجوز الأضحية بالمعيبة ( 1 ) مثل :
1 - المريضة البين مرضها 2 - العوراء البين عورها 3 - العرجاء البين ظلعها 4 - العجفاء ( 2 ) التي لا تنفي رواه الترمذي وقال : حسن صحيح . 5 - العضباء التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربعة لا تجزئ في الاضاحي : العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والعجفاء التي لا تنقي " .
( هامش ) ( 1 ) المعيبة : المقصود بالعيب الظاهر الذي ينقص اللحم ، فإذا كان العيب يسيرا فإنه لا يضر . ( 2 ) العجفاء التي ذهب مخها من شدة الهزال .
فقه السنة - 21 ويلحق بهذه : الهتماء ( 1 ) والعصماء ( 2 ) والعمياء والتولاء ( 3 ) والجرباء التي كثر جربها . ولا بأس بالعجماء والبتراء والحامل وما خلق بغير أذن أو ذهب نصف أذنه أو أليته والاصح عند الشافعية لا تجزئ مقطوعة الالية والضرع لفوات جزء مأكول وكذا مقطوعة الذنب . قال الشافعي : لا نحفظ عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الاسنان شيئا .
وقت الذبح : ويشترط في الأضحية ألا تذبح إلا بعد طلوع الشمس من يوم العيد ويمر من الوقت قدر ما يصلى العيد ، ويصح ذبحها بعد ذلك في أي يوم من الايام الثلاثة في ليل أو نهار ، ويخرج الوقت بانقضاء هذه الايام . فعن البراء ، رضي الله عنه ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : إن أول ما نبدأ به في يومنا ( 4 ) هذا أن نصلي
( هامش ) ( 1 ) الهتماء هي التي ذهب ثناياها من أصلها . ( 2 ) العصماء ما انكسر غلاف قرنها . ( 3 ) التولاء التي تدور في المرعى ولا ترعى . ( 4 ) أي يوم العيد .
ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لاهله ليس من النسك في شئ " . وقال أبو بردة : خطبنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوم النحر فقال : " من صلى صلاتنا ووجه قبلتنا ونسك نسكنا فلا يذبح حتى يصلي ، روى الشيخان عن الرسول صلى الله عليه وسلم : من ذبح قبل الصلاة ، فإنما يذبح لنفسه ، ومن ذبح بعد الصلاة والخطبتين فقد أتم نسكه وأصاب سنة المسلمين " . كفاية أضحية واحدة عن البيت الواحد : إذا ضحى الانسان بشاة من الضأن أو المعز أجزأت عنه وعن أهل بيته . فقد كان الرجل من الصحابة ، رضي الله عنهم ، يضحي بالشاة عن نفسه وعن أهل بيته ، فهي سنة كفاية .
روى ابن ماجه والترمذي وصححه أن أبا أيوب قال : " كان الرجل في عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما ترى " .
جواز المشاركة في الأضحية : تجوز المشاركة في الأضحية إذا كانت من الابل أو البقر ، وتجزئ البقرة أو الجمل عن سبعة أشخاص إذا كانوا قاصدين الأضحية والتقرب إلى الله ، فعن جابر قال : " نحرنا مع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة " . رواه مسلم وأبو داود والترمذي .
توزيع لحم الأضحية : يسن للمضحي أن يأكل من أضحيته ويهدي الاقارب ويتصدق منها على الفقراء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلوا وأطعموا وادخروا "
وقد قال العلماء : الافضل أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويدخر الثلث . ويجوز نقلها ولو إلى بلد آخر ، ولا يجوز بيعها ولا بيع جلدها . [ ولا يعطى الجزار من لحمها شيئا
كأجر ، وله أن يكافئه نظير عمله ] وإنما يتصدق به المضحي أو يتخذ منه ما ينتفع به . وعند أبي حنيفة أنه يجوز بيع جلدها ويتصدق بثمنه وأن يشتري بعينه ما ينتفع به في البيت .
المضحي يذبح بنفسه : يسن لمن يحسن الذبح أن يذبح أضحيته بيده ويقول : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عن فلان - ويسمي نفسه - فإن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذبح كبشا وقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي " . رواه أبو داود والترمذي . فإن كان لا يحسن الذبح فليشهده ويحضره ، فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال لفاطمة : يا فاطمة ، قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملته ، وقولي : " إن صلاتي ونسكي ( 1 ) ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " . فقال أحد الصحابة : يا رسول الله ، هذا لك ولاهل بيتك خاصة أو للمسلمين عامة ؟ قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : بل للمسلمين عامة .